أبو نواس ، الشاعر ، الساحر ، العربيد .. أبوه هانئ ، كان جنديا ثم اشتغل بحياكة الملابس و رعي الأغنام و أمه ( جلبان ) امرأة لعوب سلبت لب والده و تزوجته ، فلما مات أحبت فتى اسمه العباس ، و جعلته زوجًا لها ، و كانت صناعته الوحيدة أنه زوج أم أبي نواس !
من شعراء القرن الثاني الهجري ، اسمه ابن هانئ ، و كنيته أبو نواس ، أو ذو نواس
كان عصره عصر العلم و المعرفة و الحضارة ، عصر الفتن و الانقلابات السياسية ، و الثورات الفكرية ، فقد ولد عندما كانت دولة الأمويين في طريقها إلى الظل ، و كانت دولة العباسيين تأخذ مكانها تحت الشمس ، و في عهد هذه الدولة اتسعت اللغة العربية ، لثقافة الصين ، و الهند ، و فارس ، و الرومان و اليونان ، و أبيحت حرية الفكر ، و حرية التعبير ، و حرية العقيدة ، و حرية الهدى و الضلال ، و حرية التقوى و الفجور !
حرية السمو إلى البحث عن الحقائق ، و حرية التدحرج إلى المجون و الانحلال .
و سما أبو نواس .. و تدحرج !
وبحث و عبث .. كفر و تاب ..
ما أكثر الشبهات التي تحوم حول هذا الشاعر .. !
هل كان حائرًا بين الشك و اليقين ؟
هل كان مؤمنًا عاصيًا ؟
هل كان بلا دين ؟
ما حقيقة أمه ( جلبان ) ؟
لماذا انتقلت من " الأهواز " إلى مدينة " البصرة " ؟
كيف كان بيتها الذي أعدته لاستقبال العشاق ..
لقد كانت لا تكتفي بتقديم الخمر و الطعام لروادها ، بل كانت تقوم أيضًا بتقديم النساء للرجال ، و الرجال للنساء ، و تعطيهم الفرش و الغطاء .. و تغريهم بأن يبث بعضهم بعضًا لواعج الحب ، و الشوق ، و الشهوة ، و كان أبو نواس يعيش خارج البيت .. في الليل يطلب العلم بمسجد البصرة ، على يد أساتذة اللغة و الفقه و الأدب ، و الحديث ، و تفسير القرآن ، و في النهار يشتغل صبي عطار !
لقد حكم التاريخ على أبي نواس بالميوعة ، و الانحلال ، و الخلود !
حكم التاريخ على أبي نواس بالفساد و ألقي القبض على الشاعر الفاجر ( و البة بن الحباب ) و اتهمه بأنه أول من أفسد أبا نواس !
فقد اعتصب أبا نواس من العطار ، و أخذه إلى " الكوفة " حيث أقاما معًا في بيت واحد ، و فراش واحد ، و كان والبة أستاذًا كبيرًا في الشعر ، و الزندقة ، و الفجور ..
و كان يجهر بزندقته و يتهتك في فجوره .
و كان اسمه يدوى في المدائن الثلاث الكبرى : بغداد و البصرة و الكوفة .
و كانت الكوفة موطنه و محل إقامته ، و هو من قبيلة عربية ، و لكن خصومه طعنوا في نسبه ، فقد كان وجهه أحمر و شعره أشقر ، و هجاه الشاعر أبو العتاهية فقال :
هذا الأشقر الأحمر كيف يكون عربيًا و لونه من بنى قيصر ! ؟
لماذا غضب الرشيد على أبي نواس ؟
كيف دخل السجن ، و كيف كانت حياته في السجن ؟
ما حقيقة علاقته بالخليفة الأمين ؟
و هل كان بينهما حب و غزل ، أم كانت بينهما مودة وصداقة ؟
من هي المرأة التي أحبها ؟ و هل هي امرأة واحدة ؟
ما سر تعلقه بالخمر ؟
هل كان يرتاد المواخير و الحانات في الأديرة ، و القرى ، وضواحي بغداد طلبًا للخمر وحدها ، أم كان يطلب الخمر و أشياء أخرى غير الخمر ؟
من هم أصدقاؤه " عصبة المجان " و كيف كانت حياته معهم ؟
هل كانت لأبي نواس عقيدة دينية ، هل كانت له فكرة سياسية ؟ هل كان له مذهب فني ، أو مذهب في الفلسفة ؟
إن الذين كتبوا عن أبي نواس لم يقولوا الحقيقة كلها ...
لم يقولوها جهلاً أو غيرة أو حياء ... !!
لذلك أبو نواس وحده الذي يستطيع أن يقول الحقيقة و يعترف بها .
( هناك بقية )
ملحوظة : هذا الحوار منقول من كتاب بنفس عنوان الموضوع للكاتب كامل الشناوي .
__________________
البريدُ الذي لا يِجيءُ .. ،
يعذبني ..
يستلذُّ احتراقَ دمي .. ،
و اشتعال جنوني ..
يؤرجحني بين ظنوني .. ،
أقولُ جفا الحبُّ أغنيتي ..
و انسِكابَ عيوني !!